السواق الندل

ما اقسى ليالى البرد فى عز شتاء قارص ... وما اصعب ان ترى شخص لا يجد ماوى له فى ذلك الوقت ... ولكن لا تملك سوى ان تقول " ربنا معاه "
,غداً تسافر كالمساء .. وأظل وحدى للصقيع وللشتاء .. أخذت اردد ذلك الكلام حتى وصلت للميكروباص الذى كان يوجد به احد من الركاب
وكانت الساعة حينها الثانية والنص بعد منتصف الليل .
وانتظرنا انا والسائق على امل ان ياتى الركاب ... ولكن لم ياتى احد .. فقال لى السائق لا يوجد احد حيث انها ليلة الجمعة " والناس مريحة يا استاذ .." وعندما حاولت ان انزل ظهروا الركاب ... وكم تمنيت ان لم اركب مع ذلك السائق ولا ذلك الميكروباص .
وفى ذلك الوقت من يركب اى وسيلة من المواصلات حتما ولابد ان ينام دون ان يدرى .. اما من التعب .. او من انه يرى جميع من حوله نائمون
واذا بى ادخل فى ثبات عميق .
واذا بى باحد الركاب يقوم بايقاظى ... يا استاذ يا استاذ ... واذا بى اخرج من ثباتى ... وانظر له من خلف هالة النوم التى تحيط بى ..
ويقولى لى الميكروباص عطل ..
واذا بى افيق وانظر الى الميكروباص ... لا يوجد سوى 4 افراد وانا منهم
ونزلنا من الميكروباص والسائق يحاول ان يصلح الميكروباص الخاص ...واثناء 1لك نظرت حولى .. فاذا بى فى منطقة " مقطوعة " لا يوجد حتى الكلاب والقطط الشريدة ... لا يوجد سوى السائق و4 افراد وانا منهم
- يا خوانا معلش الميكروباص عطل ومش عارف اعمل .. والمشكلة ان بكره الجمعة ومش هيبقى فى عجل كتير ع الطريق .. انا هحاول اصلح الميكروباص وربنا يسهل .
واذا كان من بيننا شخص عامل .. 2 من كبار السن
واذا بنا تنتظر ان يظهر اى شىء ... " ولا صريخ بن يومين " و " فضلنا كدا شويتين " الى ان سمعت صوت ميكروباص ينطلق مسرعاً !
انه السائق الذى كنا معه ..." ضحك علينا واكلنا الاونطه وسبنا فى الشارع "
واذا بنا بدانا بالدعاء الجماعى ع السائق وعلى ميكروباصه ... الى ان جاءت عربية نقل للبضائع " تريله " وقام العامل الذى معنا بالضراخ
- يا اسطى .... يا اسطى ... اسطى
وبدا يلوح بيديه وهو يقف امامه العربية
- خدنا معاك يا اسطى ركبنا مع سواق ضحك علينا وسبنا وسط الطريق
واذا بصاحب التريلة .. يقول :
اتنين يجوا هنا والباقى يسطح ورا
واذا بى اتحدث لاول مرة .. يسطح يعنى ايه يا اسطى ؟
واذا بالعامل قالى تعالى معايا
واكتشفت ان يسطح " يعنى يركب ورا مكان الشوال ... ومنك للهوا " ولكان كانت المشكلة .. " ان العربية عالية وكان مش عارفين حتى نسطح " ولكن الحمد لله " اتشعبطنا على الكوتش "
وجلسنا انا والعامل جنبا الى جنب ... ولكنا لم نكمل 5 دقايق واذا بالسائق يقول
- معلش يا جماعة انا مضطر اقف هنا .
رضينا بالتريله ... والتريله مش راضيه بينا .. ولكن الحمد لله بمجرد ان نزلنا من التريله ... وجاءت عربية نقل .
وكانت من العربيات التى تحمل الطوب الاحمر " كنت شوال .. وهبقى طوبة "
وكانت اقسى اللحظات .. عندما كنت ارى رجل عجوز يحاول ان يركب جنب الطوبة فى ظل ليل اغمق وبارد مثل الظروف التى تمر بنا جميعاً
ولم نكمل 5 دقايق اخرى .. واذا بالسائق يقف .. ويقول " معلش يا جماعة الكوتش ريح"
واذا بنا نرضى بواقعنا المرير .. وننزل من النقل
وانتظرنا .. ثم انتظرنا .. ثم انتظرنا حتى اتى رجل " اركبوا يا جماعة "
واخذنا ننظر لبعضنا البعض من غرابة الراجل وركبنا ..وكلنا منا عاد الى منزله وحينها تذكرت السائق الذى لا نعلم عنه شيئاً والسائق الندل وادركت ان الحظ السعيد ياتى فى النوم .... واحيانا فى الواقع .



العربية العجوزة

هو الواحد لما يبقى عجوز هيعرف يعيش .. الواحد هيبقى مش قادر يعمل حاجة خالص ... يعنى ممكن الواحد ووهو صغير مستنى انه هيكبر وهيبقى قوى.. بس لما يبقى قوى .. يستنى ايه .. انه يبقى ضعيف وهيقدر يستنى انه يبقى ضعيف دا ممكن يموت من الحسرة والزعل ولو ممتش منها هيموت من التعب
كل ما اشوف العربيات الترامكوا افتكر الناس العواجيز وافتكر ان الواحد هيجى عليه يوم وهيبقى عجوز ومكحكح ومش قادر يجرجر رجليه ويبقى ماسك عصايه ... دا كل ما افتكر نفسى وانا صغير دلوقتى .. ابقى مش مصدق .. اومال لو بقيت عجوز ومسكت صورتى وانا صغير هيحصل ايه.. دا الواحد يموت من دلوقتى احسن يا رب ما تخلينى عجوز
كان سواق الترامكوا لسه بيحمل العربية وكل الحاجات دى جت فى بالى لحد ما العربية اتملت بس كانت عربية عجوزة قوى كان باين من شكلها انها ممكن تتقلب بينا
وحمل الترامكوا .. وطلع الترامكوا .. وكان مكانى فى الترامكوا فى الكنبة اللى وراه على طول فى نص وجنب الباب ... وارخم حاجة فى المكان دا .. هو انك تلم الاجرة .. وانا بحب اقعد جنب ومش شرط جنب الشباك .. اى جنب وخلاص
بصيت من الشباك بتاع الباب اللى كان على يمينى كان فى ترعة شكلها جميل قوى .. قد ايه جميل قوى شكل المية لما تيجى عليها الشمس بتبقى الميه شكلها بيلمع وكان نفسى انط فيها .. بس للاسف مش انا اللى نطيت .. او بالاصح اتحدفت ..!
جه اتوبيس كبير قوى وراح مزنق على على الترامكوا والترامكوا فضل يجى على طرف الطريق ويقرب انه ينط من الترعة وكان للاسف جنبى ست ومعاها عيل صغيرلسه بيرضع ..
وخلاص الاتوبيس بيزنق على الترامكوا والناس حسيت وكلهم فى صوت واحد
" يالهووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووى "
يا اسطى حرام عليك هتموتنا
السواق - انا مش معايا فرامل
وطبعا الباب بتاع الترامكوا مجرد ورقة ... وهوب لاقيت الباب اتفتحت .. والست وابنها اللى فى حضنها مش جنبى ...
وقعوا من الترمكوا .. ولسه الاتوبيس بيزنق ع الترامكوا
اول ما الست وقعت .. قومت وقفت وحوالى الناس كلها بتقول " يالهووووووووووووووووووووووى " بس انا قولت الست وقعت والدور عليا
هو انا ممكن اموت ...لالا دا احنا خلاص هنموت ... هموت ... هروح المقبرة ... ربنا هيحاسبنى .. هقوله ايه ...روحت قولت " يالهوووووووووووووووووووى "

لاقيتنى بقول - يا رب انا عيبط.... متخدش على اى حاجة عملتها... انا عيل وغلط... وافتكرت انى دعيت وقولت يا رب ما ابقى عجوز واموت قبل اليوم دا وزى ما يكون ربنا استجاب ... يا رب انا سحبت الدعوة .. عاوز ابقى عجوز .. انا مش عاوز اموت
لحد ما كان فى كومة رملة راح السواق دخل فيها
والناس نزلت تدور على الست وابنها اللى وقعوا يا ترى وقعوا فى المية ولا وقعوا فين
ونزل السواق يتخانق مع السواق بتاع الاتوبيس وطلع ان فى حد من اللى اخر العربية بتاعت الترامكوا يعرف السواق وناده باسمه وقالوه يا " ابن نوال " راح السواق حب يعلموه الادب .. يعلمنا احنا كمان الادب
بس انا لاقيتنى غيرهم كلهم .. نزلت وفضلت ماشى ... مش عارف ماشى فين .. فضلت امشى امشى امشى .. وافكر هو ايه اللى حصل ؟ دى رسالة ؟ ولا دى ايه ؟ وهى الحياة بتخلص فى لحظة كدا ... ووقفت .. وقلت اكيد انا عندى فكرة غلط عن الحياة ... واكيد عندى فكرة غلط عن الموت ! واى انسان عنده فكرة غلط عن حاجة هو فيها ... ااكيد هيبقى تفكيره غلط فى حاجة هو مش فيها !


صاحب الندبات والزنزانه والورقة الحمرا


لم اكن اعلم انه سوف يكون مصيرى فى يوم من الايام داخل غرفه متر X متر وبجوارى من اللصوص وقطاع الطرق... انظر اليهم وينظرون الى ....
لقد كان لى احد الاصدقاء يرغب بان اذهب لكى اقضى له شيئاً ما يستلزم ان احمل بطاقته الشخصية .. ولسوء حظى انى فى ذلك اليوم لم احمل البطاقة الشخصية الخاصة بى ....وعندما انتهيت من قضاء الامر الذى كلفت به ذهبت لكى اعرف كيف يكون الرجوع حيث كان ذلك المكان اشبه الصحراء الجرداء ..
فاذا بشخص ما وجته فحمدت الله انه يوجد شخص ما فى تلك المنطقة ولم تلبث دقائق وتمنيت ان يحدث لى اى شىء ولم ارى ذلك الشخص !
فقد كان ذلك الشخص يلبس من اللباس ما يبدو انه ابن ناس ... ولكن وجهه يحمل الكثير من الشر .. ويبدو ان وجهه يحمل الكثير من الندبات ... ووقفت اتامله من بعيد الى ان وقف ميكروباص ومن بداخله شخص بصوت اجش يقول :
- اركب ياض
ووجدت صاحب الندبات يركب وتسالت فى نفسى :
- يعنى هو يركب وانا هفضل واقف انا هركب معاهم
واذا بى اقفز من خلفه لاجد ما يحمد عقباه !!!
حيث ان الميكروباص كان به اشخاص اشبه بالمخبريين واذا بهم يوجهون كلماتهم لصاحب الندبات
- انت مش هتلم نفسك بقى .. ومين دا اللى معاك وجه جديد
واذا بى احملق فى وجوه من حولى واتسال باستحياء :
- هو ان شا الله احنا رايحين فين
ويرد صوت صاحبه يشبه انسان الغاب
هو - انت عاوز تروح فين ؟
- انا عاوز اروح ؟
- احنا هنروحك
فتشووووووه
واذا بهم يجدون بطاقة صديقى " الله يخربيته "
واذا بهم يتهامسون يقولون
- دا شكله نشال مبتدىء
واذا بى استميت فى الدفاع عن نفسى ولكن كيف لا حياة لمن تنادى
واذا بنا نصل للقسم وانا انظر لصاحب الندبات واقول لنفسى :
- هو انا ممكن ابقى زى ابو بشله وابقى مجرم ...يا سبحان الله ... انا هبقى مجرم ..؟؟ وبقيت نشال ... !!
واذا بهم يسحبوننا الضابط الذى لم يكن فى ذلك الحين متواجد ولكن العسكرى الذى يحمل الكثير من النقص قام بقمص دوره وقال :
- وديهم الحجز
واذا بنا ندخل الى السجن وانا اشعر بانى داخل كابوس لابد ان افيق منه ولكن كيف ؟
ودخلنا بمكان اشبه بالطرقة .. به جردل " لزوم الحاجات " وبه الكثير من البشر
واذا بى التحم بالحائط وانا انظر لمن حولى نظرت من يرى اشخاص لم يراهم من قبل .
واذا بهم يقومون بالتوجه الى :
- معاك سجاير ...
واذا بى التزم الصمت ...
فاذا بــ " الكبير " توجه الى يقول :
- هو انت هتعمل مش سامع
واذا بصاحب الندبات يقوم " بضرب الكبير على قفاه " الراجل دا تبعى ومحدش ليه دعوة بيه واذا بهم يتعاركون وانا اشعر بانى اشاهد فيلم واتحدث الى نفسى :
- هو دا بجد وانا بحلم ... هى دى الكاميرا الخفية !!!
واذا بالعسكرى الذى يحمل الكثير من النقص يتوجه لنا ويقوم بسحبنا انا وابو ندبات ويقول :
- الضابط عاوزكوا
واذا بنا نمشى بخطى بطيئه ونظر الى صاحب الندبات وقال لى :
- حاول تعمل اى حاجة واخرج من هنا ... لو دخلت هنا مش هتعرف تخرج تانى ..
واذا بى اتسائل لماذا شخص كهذا يفعل معى كل هذا ... مع انه مجرم .. ومن يصبح مجرم يريد ان يصبح من حوله مجرمين مثله
واذا بالضباط يتحدث لذو النبذات :
- انت ياض مش هتبطل بقى لم نفسك بقى .... ومين دا ... انت بتعلم ولاد الناس السرقة .. واذا بذو النبذات يتحدث
- يا باشا انا معرفوش ولا هو يعرفنى
وينظر لى الضابط واقوم انا بسرد قصتى واذا به يحرك يديه للعسكرى الذى ياتى وياخذنى ويقول :
- شكلك كدا بن ناس ... اطلع بالورقة الحمرا
انا - ورقة حمرا ... انا مش معايا ورق احمر " واقول لنفسى ورق احمر ... هو فى مخدرات لونها احمر "
العسكرى- بص الناس اللى جوا دول حيوانات ... انجز عشان تروح ... ادينى ورقة حمرا
انا - طب اجيب الورقة الحمرا دى منين ؟
العسكرى- من جيبك..
انا- يعنى ايه من جيبى ؟؟
العسكرى- يعنى ورقة بخمسين بلبل
انا- "خمسين بلبل يا بن .."
وحاولت انا اقول له فى براءة
- انا مش معايا الا ورقة خضرا ... خدها وان شا الله تمسكوا حد يكون معاه الاحمر وباقى الالوان
فاذا به ينظر لى وانظر له ... ولكنى وجدت من الافضل ان انظر الى الارض
العسكرى - هات الاخضر وخلاص ومشفش وشك تانى
واذا بى اخرج من ذلك الكابوس وانا لا اصدق ولا استوعب ان هذا حدث لى ..!